حسـن البنـا أول مـن تـرشـح للانـتـخـابــــات وهُدد بالقتل ولم يحد عن طريق المشاركة
صفحة 1 من اصل 1
حسـن البنـا أول مـن تـرشـح للانـتـخـابــــات وهُدد بالقتل ولم يحد عن طريق المشاركة
لا يزال الإخوان المسلمون يتمسكون بموقفهم من المشاركة في الانتخابات النيابية، الذي يثير العديد من الجمل الاستفهامية حول مبرارات الموقف لا سيما ان جماعة الاخوان المسلمين منذ نشأتها سلكت طريق المشاركة في الانتخابات وقدمت على هذا الطريق مرشدها ومؤسسها الامام حسن البنا ليكون اول «الاخوان» الذين يشاركون في الانتخابات.
ويقول الامام بهذا الخصوص اننا لم نكن نطلب من وراء هذا الترشيح حكمًا ولا مغنمًا.. واننا لم نقصد بذلك مناوأة أحد أو خصومته.. كما أننا لم ننحرف بذلك عن نهج الدعوة القويم، وصراطها المستقيم..
في شباط عام 1942م كانت أول مشاركة سياسية للإخوان في مصر حيث ترشح المرشد العام حسن البنا في دائرة الإسماعيلية لمجلس النواب المصري وضغط الاحتلال الإنجليزي على حكومة النحاس باشا الوفدية، فقام النحاس باشا بمفاوضة الإمام البنا حتى يتنازل عن ترشحه وإلا حُلت الجماعة، فوافق الإمام البنا على الانسحاب بشروط قبلتها الحكومة انذاك وجميعها تتعلق بالدعوة والشريعة الاسلامية كإحياء الأعياد الإسلامية ولا سيما مولد النبي محمد وجعله عيدا رسميا للدولة، وإلغاء البغاء وغلق بيوت الدعارة وجعلها عملا مجرما وتحريم الخمر - وإن كان التحريم الذي فعلته الحكومة اقتصر على المناسبات الدينية - وإصدار قانون بوجوب التعامل باللغة العربية في جميع المؤسسات والشركات ومراسلاتها اضافة الى إعطائه ضمانات بقيام جمعية الإخوان وفروعها وعدم الوقوف في سبيلها وعدم مراقبتها والتضييق على أعضائها للحد من نشاطهم، والسماح بوجود جريدة يومية لـ(الإخوان المسلمين).
وفي أواخر عام 1944عاود الإخوان الترشح مرة أخرى لمجلس النواب فترشح حسن البنا في دائرة الإسماعيلية وعدد آخر من قيادات الإخوان في دوائر أخرى، وفشلت ضغوط الإنجليز وحكومة أحمد ماهر السعدية لإجبار الجماعة على الانسحاب، فمارس الإنجليز كل وسائل الضغط والتزوير وتدخل الجيش الإنجليزي ومنع الناخبين من التصويت لمرشحي الإخوان، فلم يفز الإخوان بأي مقعد.
وقد جاء قرار ترشح المرشد العام حسن البنا عام 1942م، بعد ان انتهى المؤتمر السادس للإخوان المسلمين الذي عقد عام 1941م وكان من بين قراراته السماح للاخوان بدخول الانتخابات بصفة فردية حيث قرر الإمام حسن البنا خوض الانتخابات عام 1942م عن دائرة الإسماعيلية؛ لكن، تحت الضغط الشديد تنازل الامام البنا بشروط اشرنا اليها اعلاه.
وانذاك ثارت شبهات حول مشروعية الترشيح والقسم الدستوري وغيرها من القضايا التى رد عليها الإمام البنا فى إحدى مقالاته فى جريدة الإخوان النصف شهرية بعنوان: «لماذا يشترك الإخوان في انتخابات مجلس النواب»؟.
ولما ثار لغط حول الاشتراك في الانتخابات، وأنها سببت خصومات مع الغير، وأنها انحراف عن منهج الدعوة، كتب الإمام البنا رسالة يعرض فيها الأمر على الهيئة التأسيسية للإخوان، مبينًا فيها حجة من يقول بدخول الانتخابات، وحجة من يطالب باعتزال ذلك المضمار.
وقد قررت الهيئة التأسيسية بعد ذلك خوض الإخوان غمار الانتخابات.
وفي الأردن شارك الإخوان في الانتخابات النيابية عام 1956م ونجح لهم أربعة مرشحين من ستة، وانتخابات عام 1963م ونجح لهم فيها اثنان، وفي الفترة من 1989م إلى 1998م، اتسعت مشاركة الجماعة في الحياة السياسية إذ حصلت في المجلس النيابي الحادي عشر عام 1989م على ثلاثة وعشرين مقعداً حيث مثلوا مع إسلاميين آخرين أكثر من ثلث مجلس النواب وحصلوا على رئاسة المجلس لثلاث دورات متتالية، كما شاركت بخمسة وزراء في عام 1991م في حكومة مضر بدران، وفي عام 1993م حصلت على سبعة عشر مقعداً، بعد إصدار قانون انتخابي سمي بقانون الصوت الواحد.
وتم في هذه الفترة إنشاء حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي للإخوان في الأردن سنة 1992، كما شاركت الجماعة في الانتخابات البلدية لعام 1995 وفاز مؤيدوها وأنصارها في عدد من البلديات، ومع رفض الإخوان الشديد لاتفاقية السلام مع اسرائيل ولتحسين شروط المشاركة السياسية قررت الجماعة مقاطعة الانتخابات النيابية لعام 1997. وقد حصلت في انتخابات 2003م على 17 مقعداً في مجلس النواب ولكن، في الانتخابات النيابية عام 2007م لم تحصل الجماعة ممثلة بحزب جبهة العمل الإسلامي إلا على 6 مقاعد في البرلمان، وعقب ذلك قام مجلس شوري الإخوان في الأردن بحلّ نفسه وانتخاب مجلس جديد، وتمت مقاطعة انتخابات العام 2010.
ولعل الحديث عن موقف جماعة الاخوان المسلمين في الاردن من الانتخابات يدفعنا الى تذكيرهم بما تحدث به الإمام البنا فى إحدى مقالاته فى جريدة الإخوان النصف شهرية بعنوان: «لماذا يشترك الإخوان فى انتخابات مجلس النواب؟»، وايضا رسالتة الشهيرة التي عرضت على الهيئة التأسيسية للإخوان فى اجتماعها بتاريخ 2 شوال 1367هـ الموافق 7 آب 1948، ونشرت فى جريدة الإخوان اليومية في العدد (719)، السنة الثالثة، 2 ذوالقعدة 1367هـ الموافق 5 أيلول 1948م، حيث يقول الامام البنا في رسالته حول مشاركة الجماعة بالانتخابات: «يقول بعض الخلصاء الذين لا يتهمون في رأي ولا نصيحة: إنكم تعجلتم الأمر قبل الأوان، وكان عليكم أن تنتظروا فترة طويلة حتى يتم النضج الشعبي، ويكتمل الوعي القومي، وحينئذ تكونون المطلوبين لا الطالبين والمدعوين لا الداعين، وسواء أكان هذا القول صحيحًا كل الصحة أم مبالغًا فيه بعض المبالغة، فحسبنا أننا ما قصدنا إلا الخير، وما أردنا إلا النفع وما تحرينا إلا ما اعتقدنا أنه الحق، وعلم ما بعد ذلك عند الله العليم الخبير، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ولكل مجتهد نصيب إن أصاب فأجران، وإن أخطأ فأجر واحد، وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم».
ويقول الامام البنا في رسالته، التي ننشر أهم ما ورد فيها: ولنكن مع هذا صرحاء في الحق لا تأخذنا فيه لومة لائم، فنقول: هل أمام أصحاب الدعوات، وحملة الرسالات في هذا العصر من سبيل مشروعة إلى تحقيق مقاصدهم، والوصول إلى أهدافهم إلا هذه السبيل الدستورية السلطة التشريعية أولا، فالسلطة التنفيذية بعد ذلك، وإنما يكون طلب الحكم والسعي إليه عيبًا وعارا وسبة إذا أريد به الجاه الزائف والعرض الزائل، أما أن يقصد من وراء ذلك تحقيق مناهج الإصلاح، وإظهار دعوة الخير، وإعلاء كلمة الإسلام والحق فلا عيب فيه ولا غبار عليه، بل لعله يكون من أقدس الواجبات وأعظم القربات، ويجب أن نطلب ونسعى إليها لأنفسنا بل لدعوتنا ورسالتنا ليحكم الناس بعد ذلك لنا أو علينا، أما هذا الموقف السلبي فليس وراءه إلا ضياع الوقت بغير طائل، وإلا فما هي الوسيلة التي يراها الإخوان لتحقيق رسالتهم غير التقدم إلى البرلمان؟ الوعظ والإرشاد والدعوة والإقناع ومخاطبة النفوس والأرواح، وهي سبيل الفلاسفة والخياليين لا سبيل المصلحين العمليين.
ويقول البنا في رسالته: وإذا قلتم: إن ذلك سيصبغنا بالصبغة الحزبية، وسيجر علينا الخصومات السياسية، وسيلوّن الدعوة بغير لونها الحقيقي، ويقذفها بسيل من الاتهامات المغرضة نحن في غنى عنه، ويباعد بيننا وبين كثير ممن يرجى منهم الخير ويجعلنا حزبًا في مصاف الأحزاب، مع أننا نؤمن ونعتقد ونقول: إن دعوتنا بشمولها وعلوها وسموها تفوق الأحزاب، والجواب على هذا، أن العبرة بالمقاصد والغايات لا بالظاهر والشكليات، وبالحقائق والمسميات لا بالأسماء والصفات، وما دمنا بمقصدنا ودعوتنا وأسلوبنا فوق الخصومة الحزبية والغايات الشخصية والمطامح المادية، فلا يضيرنا أبدًا ما يقوله الناس، وسيجذب الله إلينا قلوب أهل الخير -أينما كانوا- وسيكون انصراف المنصرفين عنا دليلاً على تخير الله لنا، ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم، وكل دعوة لها خصوم وأعداء.
ويتابع قائلا: وسنة الله الماضية فى الدعوات أن تظل هدفًا لسهام الخصومات والاتهامات «أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ» [العنكبوت: 2-3]. وما دمنا فكرة سامية ودعوة عالية، وجماعة نقية، وأمة تقية، فليقل الناس: حزب أو غير حزب، وليظنوا بنا ما شاؤوا، فإن الظن لا يغني من الحق شيئًا، ومهمتنا أن نحاول بالدعاية الصادقة والجهود الدائبة أن تصحح الأفهام، وتحارب الأوهام، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، وما أنا عليكم بوكيل.
ويوضح البنا في رسالته بالقول: لقد أقدمنا على هذا الميدان مخلصين كل الإخلاص برآء كل البراءة مدفوعين إليه بحب الخير، والحرص على المصلحة، والغيرة على الدعوة المقدسة، والرغبة في اختصار الوقت، وإعلان رسالة الإصلاح الإسلامي من فوق هذا المنبر الرسمي.
ويقول الإمام البنا تحت عنوان «لماذا يشترك الإخوان في انتخابات مجلس النواب»: «إن الإخوان دعوة شاملة قامت على العمل الدعوي والاجتماعي والاقتصادي وخدمات مثل إقامة للمنشآت ما بين مساجد ومعاهد ومشافٍ وملاجئ في حدود طاقتهم ومقدرتهم، وأما أنهم دعوة إصلاحية فذلك أن لب فكرتهم وصميمها أن يعود المجتمع المصري والمجتمعات الإسلامية كلها إلى تعاليم الإسلام وقواعده التي وضعها في كل شؤون الحياة العملية للناس، ومن البديهي الذي لا يحتاج إلى بيان أن الإسلام ليس دين عقيدة وعبادة فقط ولكن دين عقيدة وعبادة وعمل تصطبغ به الحياة في كل مناحيها الرسمية والشعبية، وعماد الدعوة لتنجح وتظهر، تبليغ واضح دائم يقرع بها أسماع الناس ويصل بها إلى قلوبهم وألبابهم، وتلك مرحلة يظن الإخوان المسلمون أنهم وصلوا بها في المحيط الشعبي إلى حد من النجاح ملموس مشهود، وبقي عليهم بعد ذلك أن يصلوا بهذه الدعوة الكريمة إلى المحيط الرسمي، وأقرب طريق إليه «منبر البرلمان». فكان لزاما على الإخوان أن يزجوا بخطبائهم ودعاتهم إلى هذا المنبر؛ لتعلو من فوقه كلمة دعوتهم، وتصل إلى آذان ممثلي الأمة في هذا النطاق الرسمي المحدود بعد أن انتشرت فوصلت إلى الأمة نفسها في نطاقها الشعبي العام؛ ولهذا قرر مكتب الإرشاد العام أن يشترك الإخوان في انتخابات مجلس النواب».
ان جماعة الإخوان المسلمين كما هو معروف جماعة تعمل للإسلام بشموله ولا تفرق بين دين وسياسة أو بين عبادة واقتصاد، ومن ثم عملت في شتى مجالات الحياة، وحينما كان المجلس النيابي هو المجلس الشرعي والتشريعي الذي يصل فيه صوت الهيئات والمؤسسات والأحزاب عن طريقه، ولا بد من دخوله لنشر فكرتهم والتصدي للقوانين المخالفة وإسماع الصوت الإسلامي داخل البرلمان، فكان قرار مجلس الشورى العام بعد المؤتمر السادس الذي نال أغلبية بدخول الإخوان لانتخابات المجالس النيابية.
ولقد فهم الإمام البنا والإخوان أن الصوت أمانة، فأيضا المشاركة ونشر الفكرة عبر هذه الطرق أمانة، فكان مما كتبه الإمام البنا عام 1936م يؤكد معنى التصويت للشخص المناسب حتى ولو اختلف معك في الفكر، حيث كان مما كتب تحت عنوان (إلى الإخوان المسلمين في مختلف دوائرهم بمناسبة الانتخابات.. منشور رقم 2 سنة 1355هـ): أيها الإخوان الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. أكتب إليكم هذا الخطاب بمناسبة انتخابات مجلس النواب بعد ما لاحظته في بعض الدوائر من اشتداد المنافسة بين المرشحين اشتدادًا خرج بها عن طور الإنصاف وحدود الخلق الفاضل.
أيها الإخوان، الصوت الانتخابي من حق الوطن فلا يصح أن يتأخر قادر عن إبداء صوته في قضية هي من أمس القضايا بل الواجبات الوطنية، فاحرصوا على أداء الواجب ولا تعطلوا أصواتكم ولا تهملوها.
ويجب أن تعلموا أن إعطاء الصوت شهادة يسأل الإنسان عنها، فحكموا ضمائركم وعقولكم وكونوا أحرارًا في مناصرة الحق شجعانًا في اختيار الأصلح، واشترطوا على نوابكم أن يكون منهاجهم وطنيًا إسلاميًا يؤيد قضية الإسلام ويعمل على صبغ الأمة بتعاليمه وشرائعه، ولا تغلبنكم المجاملات والعواطف، فإن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وتأملوا قول الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا» [النساء: 135].
أيها الإخوان، إن أشرف معركة هي معركة الانتخابات لمجلس التشريع الأعلى في البلد، فمن أهم الواجبات أن تكون على أطهر حال وأشرف مثال، بعيدة عن السباب والشتائم لا تنال فيها الأعراض ولا تنتهك الحرمات ولا تدنسها الغيبة الفاحشة والنميمة الكاذبة، والرياء القاتل والنفاق الوبيل. لا مانع من أن يعرض الإنسان منهاجه أو منهاج من يناصره ويتكلم عن مزاياه وفضائله ويدلي بالحجج والبراهين على صلاحيته، ولكن، لا يصح مطلقًا أن يغتاب المنافس ويسبه ويشتمه ويلصق به المعايب والتهم بحق أو بغير حق، فإن ذلك ليس من الدين ولا من المروءة ولا من الإنسانية في شيء، ولئن قالوا إن ذلك جائز في عرف السياسة فإن الإسلام لم يتسامح فيه أبدًا ولم يجزه أبدًا، والله تبارك وتعالى يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» [الحجرات: 11].
أيها الإخوان، ستنتهي الانتخابات وتبقى الحزازات أو المجاملات، فلأن يبق المعروف بينكم خير، ولا تنسوا الفضل بينكم في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة والتساند. ذلك ما أردت أن ألفتكم إليه رجاء أن تعملوا به وتشيعوه بين إخوانكم وتحملوا عليه من استطعتم من مواطنيكم ومعارفكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
أخيرا، يبقى موقف جماعة الاخوان من الانتخابات المقبلة محل تساؤل لا سيما أن اللجوء الى المقاطعة والتحريض عليها يعد موقفا غريبا عن نهج الدعوة التي أسس لها الامام البنا ويفترض السير على نهجها وليس المقاطعة التي حملت في أحشائها بذور الفشل وايضا بالترويج بالافتراءات على استحقاق ديمقراطي يعد خطوة متقدمة في طريق بناء الاردن.
إن التدقيق في سيرة ومسيرة الجماعة التي أسس لها الامام البنا يكشف بوضوح أن الإخوان في الاردن يسيرون في طريق بعيد عن نهج المؤسس الشيخ حسن البنا رحمه الله تعالى، عندما يتخذون مواقف غريبة وبعيدة عن نهج الجماعة الذي أكده الامام البنا في رسالة العقائد بحيث كان حريصا على الربط بين فروع الفقه المختلفة.
وان مناسبة الحديث في هذا المقام هي محاولة للاضاءة على نهج الامام الشهيد ومقارنتها بمواقف قيادات الجماعة في الاردن، ليس في موضوع الانتخابات وحسب، بل في موضوع النقد ايضا، فالامام البنا كان يدقق في كل نقد يوجه له ويهتم بالجواب عليه اهتماما عظيما وإن أسرف قائله في اللوم والعتاب، حتى لقد سأله أحد الأفراد على صفحات المجلات عن مصادر دخله وعن المفارقة بين أناقته في ملبسه وهيئته وبين قلة دخله،فأجابه البنا. أما قيادات الجماعة اليوم فهي تضيق ذرعا بالنقد وتتبرم بالرأي المخالف وتلجأ الى كيل الاتهامات الجاهزة والمعلبة بلغة التخوين متناسين ما أكده المرشد العام للجماعه الشيخ حسن الهضيبي رحمه الله وأحد رجال الدعوة الإسلامية الذين وهبوا أنفسهم وأرواحهم وأموالهم لله تعالى بقوله «نحن دعاة لا قضاة»... وعلى هذا الاساس فانه لا يجوز للجماعة التحريض على الدولة والتخوين لمعارضيهم وللمواقف المناوئة لها وتوجيه الاتهامات والتشكيك في المواقف والمبادئ التي تخالف الجماعة.
الثابت أن المسار الفكري للجماعة اليوم بعيد تماما عن نهج الامام الشهيد، وهو ما تدلل عليه الكثير من الوقائع والاحداث، وبالنتيجة انحراف قيادات الجماعة عن فكر ونهج الجماعة التي أنشأها الشيخ البنا رحمه الله تعالى.
وفي المسار التربوي، بات هدف الجماعة اليوم العلو بمفاهيم الحزب فوق مبادئ التربية والتوجيه الروحي والعملي والإنساني الذي أكده الامام الشهيد.
وفي المسار السياسي، حدث ولا حرج، لا سيما تناقض الموقف من الانتخابات مع نهج الامام الشهيد الذي أفضنا في الاضاءة عليه.
لقد كان نهج الامام الشهيد البنا هو عدم إلزام الفرد بقيود التنظيم وضوابطه إلا في مرحلة عضوية معينة، ولم يكن يشهر سلاح الطاعة والثقة أبدا في وجه من يخالفه في الرأي، بل لم يكن يستعمله إلا في مواجهة الخروج الفعلي الذي يسبب خطورة على منهج الجماعة، بل وصرح في رسالة التعاليم – التي تشتمل على مبادئ التنظيم ومنها السمع والطاعة والثقة - أنها موجهة لفئة معينة من أفراد الجماعة.
فهل قيادة الجماعة ملتزمة بهذا النهج، أم أنها تطلب من كل كوادرها الالتزام بما تقرره على قاعدة السمع والطاعة والالتزام بالبيعة للمراقب العام؟.
كل ذلك يدعونا الى دعوة الجماعة وقياداتها وكوادرها للمراجعة وقياس مدى تطابق الطريق الذي يسيرون اليوم عليه مع الطريق الذي رسمه الامام المؤسس رحمه الله تعالى فكرا وسلوكاً.
التاريخ : 18-10-2012
Prince Mo3taz- عدد المساهمات : 47
نقاط : 73
تاريخ التسجيل : 17/10/2012
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى